الجمعة، 17 مارس 2017

خمس قصائد

لشاعر جامايكا: ديريك والكوت
ترجمة: محمد عيد إبراهيم



نشيدُ آدم

الزانيةُ المرجومةُ حتى الموتِ
تُقتَلُ في عصرنا
بالشائعاتِ، بالروحِ التي
تغطّي لحمَها بالوَحلِ.

في البدءِ كانت حواءُ،
خاطَبتِ الربَ ـ يجعلُ كلّ واحدٍ
خاطئاً ـ من خلالِ الحيّةِ،
لخاطرِ  آدمَ أو لبراءةِ حواءَ.

لا شيءَ قد تغيّرَ،
لا زالَ الرجالُ يُنشدونَ الأغنيةَ
التي أنشَأَها آدمُ للحيّاتِ
ضدّ العالمِ الذي افتَقَدَه.

النشيدُ إلى حواءَ
ضدّ خطيئتهِ،
غنّاهُ في ليلِ العالمِ

بالأنوارِ التي تأتي على عيونِ
النَمِراتِ في مملكةِ السَكينةِ
ومقتلهُ خارجَ الشجرة،

يُنشِدُهُ، مرتعباً
من غَيرَةِ الربّ،
وكثمنٍ لمَقتَلهِ.

فتَهطِلُ عيناهُ، والنشيدُ
يَصَّعَّد إلى الربِّ:

"يا قلبُ، تبقَى بقلبي حينما يُشرقُ الطيرُ،
يا قلبُ، تبقَى بقلبي حينما تنعَسُ الشمسُ،
يا قلبُ، ترقدُ داخلي حيثُ الندَى،
وتبكي من خلالي، بينما يذرفُ المطر"



نهايات
لا تنفَجرُ الأشياءُ،
تبهَتُ، تشحُبُ،
كشحوبِ نورِ الشمسِ عن جَسدٍ،
كرغوةٍ تتسرّبُ في عَجَلٍ على الرمالِ،

حتى أن بَرقَ الحبّ يومضُ
دونَ نهايةٍ مُرعدة،

يفنَى مع صوتِ
الزّهرِ  واهِناً كجسمٍ
عن صخرِ بركانٍ خفيفٍ قد وَهَن،
كلّ شيءٍ كذلكَ

حتى الرحيلُ
مع ذلك الصمتِ الذي لَفّ رأسَ "بيتهوفن".


حبّ بعدَ حبّ
سوفَ يأتي زمانٌ
تصلُ فيه ـــ مع البهجة ـــ
لتُحيّي نفسَكَ
عندَ بابكَ، في مرآتكَ،
وكلٌّ منكما يبتَسمُ لتحيةِ الآخر،

تقولُ: اجلِسْ هنا، وتفضّلْ طعامي.
سوفَ تعشقُ الغريبَ الذي هو ذاتكَ.
خُذْ نبيذاً. الخبزَ. ورُدّ قلبكَ
إلى ذاتهِ، للغريبِ الذي أحبّكَ

طولَ عمركَ، من جَهِلتَهُ
لأجلِ آخرَ، يعرفكَ عن ظهرِ قلبٍ.
فَكِّكْ خطاباتِ الحبّ عن رفِّ الكتب،
فُكّ الصورَ، والرسائلَ اليائسة،

قَشّر صورَتكَ عن المرآةِ.
واجلسْ. عيدٌ على حياتكَ.


قصَبُ البحر
نصفُ أصحابي ماتوا.
سوفَ أجعلُ لكَ جُدَداً آخرين، قالتْ الأرضُ.
صِحتُ: لا، رُدّيهم لي، كما كانوا، بديلاً،
بالأخطاءِ، وكلّهم.

قد أُصغي إلى كلامهم الليلةَ
بدندنةٍ من مَوجٍ واهنٍ
عبرَ  القصَب، لكنني لا أستطيعُ المسيرَ
على نورِ القمرِ الراحل في قاعِ
المحيطِ حيث طريقٌ أبيضُ واحدٌ،
أو أطفو بحركةِ بومةٍ حالمة

تتركُ حِملَ الأرضِ.
آ يا أرضُ، إن أعدادَ أصحابي الذي تحفظين
يزيدُ عمّن أحبّهم.

قصَبُ البحرِ جنبَ الجَرفِ يومِضُ فِضياً وأخضرَ،
كرماحِ ملائكةٍ لوفائي،
لكن ينمو خارجَ ما افتقدتُ شيءٌ أقوى

له تألّقُ منطقيةِ الصّخَرِ،
الحاملِ نورَ القمرِ، بعيداً عن اليأسِ،
قوياً كالرياحِ، عبرَ القصَبِ المنفَلِق

يجلبُ من نَهوَى أماماً، كما كانوا،
بالأخطاءِ وكلّهم، ليس أنبلَ، حسبُهم هناكَ.


توباجو، منتَصفُ الصيف
شواطئُ وسيعةٌ بصَخَرِ الشمسِ.
حرارةٌ بيضاءُ.
نهرٌ  أخضَر.

جِسرٌ،
نخيلٌ أصفرُ  تالفٌ

من بيتٍ بنومةِ الصيفِ
في كسَلٍ خلالَ أغسطسَ.

الأيامُ التي شَغَلتُها،
أيامٌ فَقَدتُها،

أيامٌ نَمَتْ فجأةً، كَبَناتي،
وهي تأوي إلى أَذرُعي.
....................................................
(*) ولد ديريك والكوت 1930، في سانت لوشيا بجزر الهند الغربية، جامايكا. يطلقون عليه (شكسبير أمريكا اللاتينية)، نال جائزة نوبل 1992. ويهتم شعره ببحث العلاقة بين الدين والمجتمع، كما يبتدع التفكير في الميثولوجيا الشعبية، خاصة مع أزمنة الظلم والاستعباد في أمريكا اللاتينية، توفّي اليوم: 17 مارس 2017. من دواوينه: في ليلة خضراء،حياة أخرى، أعناب البحر، المسافر سعيد الحظّ، أوميروس.

(*) اللوحة، للفنانة المكسيكية: فريده كالو 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق