الجمعة، 30 ديسمبر 2016

ثلاث قصائد

ثلاث قصائد

للشاعر الأمريكيّ: وليم بوروز
ترجمة: محمد عيد إبراهيم



(1)        صلاة الشكر
(إلى جون ديلنجر[1] وآمل أن يكون حياً، 
عيد الشكر[2] 28 نوفمبر 1986)

الشكرُ على الديكِ الروميّ[3] البريّ
وحَمامِ المسافرِ، المُعدّ
للتبرّزِ عبرَ أحشاءَ
أمريكيةٍ عَفِيةٍ.

الشكرُ على قارّةٍ للسَلبِ
والسمّ.

الشكرُ على الهنودِ لتزويدنا
باليَسيرِ من التحدّي
والخَطرِ.

الشكرُ على القَطيعِ الرحيبِ من ثيرانِ البايزن[4]
لنقتلَهُ ونسلخَهُ مخلِّفينَ
الجِيفَ لتتعَفّنَ.

الشكرُ على سَخاءِ الذئابِ
والقَيّوطِ[5].

الشكرُ على الحلمِ الأمريكيّ،
للبَسطِ والتزييفِ حتى
لتسطعَ عبرهُ الأكاذيبُ حاسرةَ الرأسِ.

الشكرُ على الكو كلكس كلان[6].

على القُضاةِ قَتلَةِ الزنوجِ،
لتلَمُّسِ شَجّ الرؤوسِ.

على المُحتَشماتِ الذاهباتِ إلى الكنائسِ،
بأوجهٍ شرّيرةٍ
ساديةٍ، مُغيرةٍ، ممرورةٍ.

الشكرُ على ملصقاتِ "اقتل
شاذّاً، لأجلِ خاطرِ المسيحِ".

الشكرُ على إيدز المعاملِ[7].

الشكرُ على الحظرِ
محاربةِ المخدّراتِ.

الشكرُ على بلادٍ
لا تدَع أحداً يتدبّر
أمرَه.

الشكرُ على أمّةِ المُخبرينَ.

الشكرُ، نعم، على كافّةِ
الذكرياتِ ـ طيب، أَرِنا
ذراعَيكَ! 

أنتَ دائماً في صُداعٍ
أنتَ دائماً مزعجٌ.

الشكرُ على الخيانةِ العُظمى
والأخيرةِ، لأحلامِ البشريةِ
العُظمى والأخيرةِ.
..............................................



(2)        (من غير  عنوان)

مع أني سكنتُ مدينةَ أحلامكَ
كمصباحٍ مقلوبٍ
طلبتهُ ولم أجده
في الأسواقِ المقفرةِ  ما وراءَ الصمتِ العميمِ
في البلادِ المشغولةِ بالجرادِ ظُهراً ــ
غيرَ  أنّ ــ
حكايةُ الظلالِ على جدراننا
رحلاتُ الإوزّ البريّ في رائحةِ الصباحِ العفنةِ
الوردُ ونوافيرُ الفضةِ في دخانِ الأحلامِ.
..............................................



ألحانُ البابون الأزرق

أنا قردُ بابونَ
أنا قردُ بابونَ أزرقُ
أنا قردُ بابونَ حقيقيٌّ
وإني لملحوظٌ
كقردِ بابونَ زاعقٍ!

أحبّ قردَ البابون
وهو  ينبحُ في القمرِ
في شهرِ  يونيو  المخبولِ
الشهرِ  الأكثرِ  خَبلاً
من بينها جميعاً!

طلبَ مني أن أغترفَ
من بحيرةِ ضوءِ القمرِ
ثُمّتَ، عاجلاً،
رحتُ في إغماءٍ
من منتصفِ الليلِ حتى الظهيرةِ
رحتُ في إغماءٍ، إغماءٍ، إغماء!

لأني قردُ بابونَ
قردُ بابونَ صغيرٌ  
أضعفُ قردِ بابونَ
من بينها جميعاً، جميعاً، جميعاً!

رحتُ في إغماءٍ
بينَ ذراعَيْ هذا الأبلهِ
ثُمّتَ، على كَثيبٍ،
استَدرتُ، ومنحتهُ
نفسي، نفسي، نفسي!

لأني قردُ بابونَ
قد تُطعِمهُ بمِلعقةٍ
أضعفُ قردِ بابونَ
من بينها جميعاً، جميعاً، جميعاً!

أنا قردُ بابونَ نحيفٌ
أنا قردُ بابونَ مصغَّرٌ 
بهذا الطولِ فقط!
أكثرُ  قردِ بابونَ أملسَ
أكثرُ  قردِ بابونَ وديعٍ
معَ أني أكثرُ  قردِ بابونَ أنيقٍ
من بينها جميعاً، جميعاً، جميعاً!

أنا أَوهَنُ قردِ بابونَ
أنا أمكرُ  قردِ بابونَ
أنا أميَلُ قردِ بابونَ
مع أني أحلَى قردِ بابونَ
من بينها جميعاً، جميعاً، جميعاً!

مِزاجي ليسَ حادّاً
ولا أقاتلُ أحداً
لا دافعَ عندي كي أقاتلَ
مُطلقاً أبداً!

أنا قردُ بابونَ
لا أنضَمّ إلى شِرذِمةٍ
لا إليكَ ولا  للجميع!
إزاءَ هجومكَ
أرقدُ منبَسِطاً على ظهري
أو أُثبِّتُ نفسي
على حائطٍ، أيّ حائطٍ،
أيّ حائطٍ بالٍ،
من بينها جميعاً، جميعاً، جميعاً!

لأني أرشَقُ قردِ بابونَ
أكثرُ قردِ بابونَ مغلوبٍ
مع أني أكثرُ  قردِ بابونَ بارعٍ
 من بينها جميعاً، جميعاً، جميعاً!

...........................
(*) وليم بوروزWilliam S. Burroughs(1914/ 1997). روائيّ وقاصّ وفنان وناقد، وأحياناً شاعر، له قصائد متفرقة، من أبرز مبدعي جماعة "البيت" Beat Generation، طليعيّ ما بعد حداثيّ، انتهاكيّ ساخر، من رواياته: غداءٌ عارٍ، شاذ، مدمن، المتوحشون: كتاب الموتى، ثلاثية ليل أحمر: مدن الليل الأحمر/ محلّة الطرق الميتة/ الأراضي الغربية، ميناء القديسين. ومن مجموعاته القصصية: مترو أنفاق أبيض، شارع المصادفة، الخطايا السبع المميتة، قطة بالداخل. (م)
(*) اللوحتان، للشاعر نفسه: وليم بوروز. 





[1]John Dillinger: لصّ بنوك مات في الثلاثينيات بأمريكا، ثمة نظريات للمؤامرة تقول إنه وضع تحت الحماية القانونية ولا يزال حياً. (م)
[2]Thanksgiving: عيد الشكر، يُعقد في الخميس الرابع من نوفمبر، وهو عيد علمانيّ لشكر الربّ على النعم. (م)
[3] من شعائر عيد الشكر تناول الديوك الرومية. (م)
[4]Bison: ثيران أمريكية صديقة الهنود الأصليين، قُتل منها 50 مليوناً لمجرد اللعب والمزاح، بعد فتح أمريكا. (م)
[5]Coyote: نوع من الذئاب البرية، يعيش شماليّ أمريكا، وفي أمريكا اللاتينية يسمونه الثعلب الإسبانيّ. (م)
[6]KKK: جماعة أمريكية عنصرية، كانت تُحرق السود على الصلبان. (م)
[7]AIDS: ثمة شائعات أن الإيدز من تصنيع المخابرات الأمريكية. (م) 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق