الاثنين، 15 أغسطس 2016

كتاب للتحميل: أوديسيوس إيليتس الشمس المهيمنة

أوديسيوس إيليتس الشمس المهيمنة

 ترجمة: محمد عفيفي مطر*

بين يدي الترجمة العربية

للحمق بدوات ونزوات لا تبرر ولا يمكن الدفاع عنها، هكذا أقول لنفسي وأنا أسأل قبل أن يسألني أحد: لماذا أوقعت نفسك في ورطة هذه الخيانة المثلثة ؟يعرف الجميع خيانة ترجمة الشعر، ويعرف الشاعر عنها ما لا يعرفه الجميع، أما الخيانة الثانية فهي خيانة الاعتماد على لفة وسيطة تبعد النص المنقول خطوتين أكثر إيغالا في البعد عن أصله الجوهري، وأما الخيانة الثالثة فهي ورطة التصدي للترجمة عن اللغة الوسيطة ­ وهي هنا الانجليزية المتأمر كة ­ بينما يوجد من هو أقدر وأعمق تفقها وأشد مراسا وممارسة، فما الذي أوقعك أيها الشاعر في مشتبك هذه الخيانات قلت لنفسي : هذا هو فرض الكفاية مادامت قد أهملت فروض العين من النقلة والمترجمين، إن يكن جهد مقل فهو شرف محاولة، وان تكن قطرة من بحر القصائد ففي ملحها طعم الدليل واشارة البلاخ وكويحة العابر وخطفة النظر، وان تكن تهور جرأة أو وقاحة اقتحام، فإنها إثارة واغراء القادرين الفقهاء العالمين بأن يفتحوا نوافذ ما يعرفون من لغات على تراث الدنيا ليكون في العربية من ثقافات الآهم والشعوب في مشارق الأرض ومغاربها ما يثري ويفجر الحوار ويؤكد المكانة والمكان على خارطة الحياة والانسان الناطق المبدع.

لم أكن أعرف شيئا عن الشاعر ولا مكانته بين شعراء قومه أو بين جماهير المثقفين في أوروبا، وفي اعقاب قراءتي لبعض أشعاري أمام جماعات من محبي الشعر في كانالا «قولة » وسالونيك وأثينا، والقيت مترجمة الى اللغة اليونانية ­ عبر لغة وسيطة أيضا ­ عبر بعض المستمعين عن وجود قواسم مشتركة من ملامح القرابة الشعرية بين قصائدي وقصائد شاعرين يونانيين هما أوديسيوس إيليتس وأندرياس آمبريكوس، قلت : أنداد ونظراء على شواطيء بحر، وأصحاب قضايا متشابهة ومتدافعة عبر الماضي والحاضر، وذبيحتان على نار واحدة هي نار التواريخ وجمرات الشارات والغايات الجياشة، وحينما علمت أن أوديسيوس إيليتس قد فاز بجائزة نوبل سنة 1979 ،أدركت أن وراء الفوز، علاوة على عبقرية الشاعر واستحقاقا ­ انغماسا والحاحا على قضايا الصراع الوطني والقومي وانحيازا خاصا ­ أكاد أشمه في كل شيء في مشتبك الصراع اليوناني العثماني والتركي وقلت متحفزا : فلتعرف مزيدا من التواريخ الحية التي تخفي وتبين وراء مجمل العصر الحديث لحوض البحر المتوسط، بحر الآلام والشارات والدم، فبلادك على شفر منه، وأنت من الثغر على رباط بين مرابطين.

لم يخب توقعي ولا ظني، وخوضت في زلق هذه الخيانة المثلثة، مترجما لمجموعة القصائد المختارة من دواوين أوديسيوس إيليتس التي ترجمها عن اليونانية واحد ممن كرسوا حياتهم للشعر اليوناني الحديث ترجمة ودراسة وتأريخا، البروفيسور كيمون فرييار Friar Kimon وقدم لها بدراسة ممتعة أقوم هنا بتقديم ترجمة وتلخيص لها وبتصرف تقتضيه حاجة القاريء العربي على الرغم من كراهيتي للمقدمات في دواوين الشعر وهي مقدمة ضافية وتفصيلية، تحلل الدواوين التي اختيرت منها القصائد، وتربط مسيرة الشاعر بالحياة، ومسيرة الشعر بالأحداث ومسيرة الأحداث بالتاريخ السياسي والثقافي الخ..

واذا كان الزمار يموت وأصابعه تلعب، فإنني أقدم التجربة كلها بدوافع تربوية وتعليمية، عسى أن يخجل الصغار أو يستشعروا بعض الخزي من دمامة وقماءة الادعاءات المعاصرة في تقاتل الأجيال وقتل الأب والبدء من خارج التاريخ والجغرافيا واحتقار التراث واللغة، ووهم البدء من نقطة الصفر، وصفاقة الزهو بالانخلاع من كل ما يربط الشاعر والقصيدة بهول الأحداث وعواصف الدم والنار ومشاهد البؤس اليومي وانفساح الحياة بالطبيعة وجذور الانتماءات ومكابدة الانسان، مع الالحاح على درس التربية الثقافية والفنية وخوض تجربة النظر العميق الى معترك الحوار الجاد في العالم كشرط من شروط الابداع في هذا الزمن زمن محاولة إعادة صياغة العالم صياغة جديدة تجتاحها دعوات الصدام والكوكبة وبطش القوى التي تحرص على التعبد في محراب ذاتها ومصالحها لاقتلاع شعوب الأرض من ملامحها وذواتها.



رابط التحميل :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق